الوحدة هي السبب الرئيس لضعف الذاكرة عند كبار السن

الوحدة هي السبب الرئيس لضعف الذاكرة عند كبار السن

شارك

الوحدة ليست مجرد حالة ذهنية بل هي مشكلة تسبب ضعف الذاكرة عند كبار السن. وتبدو آثارها السلبية جليةً كلما تقدم الفرد بالعمر، مسببةً له المشاكل النفسية والفسيولوجية بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستويات السكر في الدم (التي يمكن أن تؤدي إلى مرض السكري)، فضلاً عن زيادة الوزن والأرق، والأخطر من ذلك تأثيرها على الذاكرة وإضعافها.

أيضاً تشير التقديرات أن الشعور بالوحدة يزيد من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الرجال وأمراض الشريان التاجي لدى النساء بنسبة 50 بالمائة تقريبًا. 

في حين يصبح الاندماج الاجتماعي أكثر أهمية لصحة كبار السن العقلية والجسدية ينشغل الأولاد والبنات المتزوجون في حياتهم ويغفلون عن والديهم. فيصبح كبار السن الذين يعيشون بمفردهم أو الذين هم في وضع صعب يجعلهم في منأى عن التواصل الاجتماعي مع الآخرين معرضين لخطر تدهور ذاكرتهم. الأمر الذي يعرضهم إلى مشاكل في إتزان التفكير، والتعرف المكاني، وفهم اللغة، ناهيك عن فقدان الذاكرة من خلال ضعف وتراجع قدرة الدماغ على تخزين واسترجاع الذكريات.

في دراسة قامت بها مجموعة من الأساتذة والأطباء النفسيين حول: رابطات العزلة الاجتماعية والوحدة مع الخرف اللاحق (Associations of Social Isolation and Loneliness With Later Dementia) حيث ثبت أن العزلة الاجتماعية مرتبطة بالتغيرات في بنية الدماغ والإدراك – عملية اكتساب المعرفة. بالإضافة إلى ذلك، تزيد العزلة الاجتماعية من خطر الإصابة بالخرف لدى كبار السن.

ومن أجل المساعدة في منع مخاطر ضعف الذاكرة عند كبار السن، تقوم العديد من البلدان بتنفيذ مؤسسات لكبار السن مثل دور رعاية المسنين التي تقدم الرعاية الصحية الجيدة مع تناول الطعام الجماعي بالإضافة إلى أنشطة مثل الحرف اليدوية أو البستنة. لقد ثبت أيضًا أن مجرد التواجد حول أشخاص آخرين يكفي لدرء الشعور بالوحدة مع المساعدة في تقليل مخاطر الإصابة بمرض الزهايمر في المستقبل.

تؤدي الوحدة إلى ضعف الذاكرة عند كبار السن لعدد من الأسباب:

أولاً: يمكن أن تسبب الوحدة التوتر، مما قد يؤدي إلى مشاكل في التركيز

أظهرت دراسة، أجرتها جامعة تورنتو، أن الوحدة يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على التركيز لدى كبار السن. ووجدت الدراسة أن كبار السن الذين شعروا بالوحدة كانوا أكثر عرضة لصعوبة التركيز على المهام وإنجازها. ووجدت الدراسة أيضًا أن الشعور بالوحدة يمكن أن يؤدي إلى التدهور المعرفي لدى كبار السن. حيث قالت الكاتبة الرئيسية للدراسة، الدكتورة ساندرا بوند تشابمان إن النتائج تشير إلى أن الوحدة يجب أن تعامل كعامل خطر للتراجع المعرفي.

ثانيًا: يمكن أن تسبب الوحدة العزلة والتي يمكن أن تؤدي إلى الانسحاب الاجتماعي وتقليل الأنشطة المحفزة. فربما تقاعدوا من العمل ولم يعد لديهم ذاك التفاعل الاجتماعي مع رفقاء العمل، أو ربما مات زوجاتهم أو أصدقاؤهم، مما جعلهم يشعرون بالعزلة. قد يعانون من بعض الأمراض العصيبة فلا يتمكنون من التنقل بسهولة، مما يجعل من الصعب عليهم المشاركة في الأنشطة التي يستمتعون بها. مهما كان السبب، يمكن أن تؤدي الوحدة إلى اعتزال المجتمع مما يجعل الشعور بالوحدة أسوأ.

 ثالثاً: تؤدي الوحدة إلى الاكتئاب، ففي حالات كتيرة لا يحصل كبار السن على التفاعل الاجتماعي الذي يحتاجونه ويفتقدون الارتباط بالآخرين. وعندما يشعرون بالوحدة يبدأون في الانسحاب من الأنشطة التي كانوا يتمتعون بها من قبل. هذا يمكن أن يؤدي إلى تعمق اكتئابهم ويصبحون أكثر عزلة. إذا كان لديك شخص مسن يبدو أنه ينسحب ويعزل نفسه فمن المهم التواصل معه ومحاولة التواصل الدائم معه حتى لو رفض ذلك. دعه يعرف أنك تهتم به وتريد مساعدته خلال هذا الوقت الصعب من حياته.

رابعاً: الوحدة تزيد من خطر وفاة كبار السن. في الآونة الأخيرة، ثبت أن الشعور بالوحدة قد يزيد من خطر الانتحار وأمراض القلب والأوعية الدموية بالإضافة إلى التأثير السلبي على نوعية الحياة. وبحسب تقارير من الأطباء الأجانب فقد  كانت نسبة الوفيات بين كبار السن المنعزلين اجتماعيًا ضعف عدد أولئك الذين يعيشون بين أهلهم وأحبابهم ولا يعانون من عزلة اجتماعية. بناءً على هذه النتائج، يُعتقد الآن أن الشعور بالوحدة عامل خطر أكبر للوفاة من السمنة أو الجلوس بدون عمل. 

لا تتوقف البحوث والدراسات حول العالم لمعرفة وتحديد كيف تؤدي الوحدة بالضبط إلى ضعف الذاكرة عند كبار السن، لكن الباحثين يعتقدون أن ذلك قد يكون بسبب حقيقة أن الأشخاص الوحيدين أقل عرضة للانخراط في الأنشطة التي تحفز أدمغتهم، أو لأن الوحدة تسبب التوتر و القلق الذي يمكن أن يدمر خلايا الدماغ وانخفاض مستمر لنشاط الخلايا العصبية.

الشعور بالوحدة مشكلة خطيرة يمكن أن تؤدي إلى تدهور ملحوظ على الصحة الجسدية وليس فقط ضعف الذاكرة عند كبار السن. هناك العديد من الطرق لدمج المسنين الوحيدين في المجتمع حتى يتمكنوا من الاستمتاع بسنواتهم المتبقة برفقة ممتعة والحصول على هدف للبقاء على قيد الحياة. 

من أهم الطرق التي ينصح أخصائيو علم النفس باتباعها للتغلب على ضعف الذاكرة عند كبار السن هي ربطهم بفرص التطوع في مجتمعهم. يمكن أن يشمل ذلك زيارة المدارس للقراءة للأطفال، أو المساعدة في إنشاء وإدارة مطاعم للطعام التقليدي، أو العمل في الحدائق المجتمعية العامة. هناك طريقة أخرى لدمج المسنين الذين يعيشون بمفردهم في المجتمع وهي من خلال النوادي والأنشطة الاجتماعية مع المسنين الآخرين ومختلف شرائح المجتمع. قد يتضمن ذلك الانضمام إلى جوقة كبار السن أو الذهاب في نزهات جماعية أو المشاركة في نشاطات النوادي والجمعيات الأسبوعية. من خلال البقاء نشيطين ومشاركين مع الآخرين، يمكن لكبار السن مقاومة الشعور بالوحدة والتمتع بحياة رائعة مع المجتمع من حولهم.

شارك